زكاة له، ولا زكاة لمن لا صلاة له». مانع الزكاة في النار والمتعدي فيها كمانعها. وقد توعد الله في غير ما آية من كتابه مانعها فقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} [الماعون: 4] {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} [الماعون: 6] {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7]، والماعون الزكاة في قول أكثر أهل العلم. والويل واد في جهنم يسيل من عصارة أهل النار في النار على ما روي. وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ - يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} [التوبة: 34 - 35]، والكنز هو المال الذي لا تؤدى زكاته وإن لم يكن مدفونا، وما أدي زكاته من المال فليس بكنز وإن كان مدفونا. ذكر مالك في موطئه عن عبد الله بن دينار أنه قال سمعت عبد الله بن عمر يسأل عن الكنز ما هو فقال هو المال الذي لا تؤدى منه الزكاة. فقوله تعالى ولا ينفقونها ليس على ظاهره من العموم، والمعنى فيه ولا ينفقون ما وجب عليهم إنفاقه منها. وقد قيل إن الضمير في قَوْله تَعَالَى ولا ينفقونها عائد على الزكاة وإن كان لم يتقدم لها ذكر، لأنها المراد بالإنفاق. وقيل إنه يعود على الفضة والذهب داخل فيها بالمعنى. وقيل إنه لما كان المعنى في الذهب والفضة سواء جاز أن يرجع الضمير إليهما جميعا بلفظ واحد مثل قَوْله تَعَالَى: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62]، فقال يرضوه ولم يقل يرضوهما لما كان رضا الله فيه رضاء رسوله. وقيل إنه يعود على الكنوز وإذا قلنا إنه عائد على الفضة والذهب، أو على الفضة والذهب داخل فيها بالمعنى، أو على الكنوز، فالمراد بإنفاقها إنفاق الزكاة الواجبة فيها. وبيان هذا أنه قد «روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال في تفسير الآية: ما من رجل لا يؤدي زكاة ماله إلا جعل يوم القيامة صفائح من نار تكوى بها جبهته وجنباه وظهره في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي الله بين الناس ثم يرى سبيله فإن كانت إبلا بطح لها بقاع