تقاصر أعمار أمته أن لا يبلغوا من العمل ما بلغه غيرهم في طول العمر، فأعطاه الله تعالى ليلة القدر التي هي خير من ألف شهر». وقيل إن معنى ذلك هو ما روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رأى في منامه بني أمية يعلون منبره خليفة خليفة فشق ذلك عليه فأنزل الله عليه: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: 1]، و {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ} [القدر: 1] {وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ} [القدر: 2] {لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ} [القدر: 3]» يعني ملك بني أمية. قال فحسبنا ملك بني أمية فإذا هو ألف شهر.
وهذا التأويل يدل على أن ليلة القدر خص بها النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ومن كان على عهده، وإليه ذهب والله أعلم من قال إن ليلة القدر رفعت، وليس ذلك بصحيح، والصحيح الذي عليه عامة أهل العلم والدين أنها لم ترفع جملة وإنما رفع علم تعيينها في ليلة بعينها وذلك بين من الحديث، قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أريت هذه الليلة في رمضان حتى تلاحى رجلان فوقعت فالتمسوها في التاسعة والسابعة والخامسة»، فلو رفعت جملة لما أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالتماسها.
فصل
فالصحيح أن ليلة القدر باقية لأمة محمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى يوم القيامة. وإنما اختلف أهل العلم فيها على ثلاثة أقوال: أحدها أنها في ليلة بعينها لا تنتقل عنها إلا أنها غير معروفة أعلم بفضلها وأخفى عينها ليجتهد في طلبها فيكون ذلك سببا للاستكثار من فعل الخير. وافترق الذين ذهبوا إلى هذا على أربعة أقوال: أحدها أنها في العام كله. والثاني أنها في شهر رمضان. والثالث أنها في العشر الوسط منه. والرابع أنها في العشر الأواخر منه.
فصل
والقول الثاني أنها في ليلة بعينها لا تنتقل عنها معروفة. واختلف الذين ذهبوا