بغروبها، والظن قد يكون بمعنى اليقين. قال الله عز وجل: {فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُوَاقِعُوهَا وَلَمْ يَجِدُوا عَنْهَا مَصْرِفًا} [الكهف: 53] يريد أيقنوا، {وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللَّهِ إِلا إِلَيْهِ} [التوبة: 118] معناه أيقنوا، ومن الناس من حمل الظن في مسألة المدونة على بابه من الشك، فتأول أن مذهب مالك في المدونة المساواة بين الفجر والغروب [في أنه لا كفارة في الأكل مع الشك فيهما، وهو بعيد، وإلى المساواة بين الفجر والغروب] في إسقاط الكفارة عمن أكل شاكا فيهما ذهب ابن القصار وعبد الوهاب، وهو بعيد في الغروب مع ألا يغلب على ظنه أحد الطرفين. فلعلهما أرادا بالمساواة بينهما إذا أكل شاكا فيهما والأغلب على ظنه أن الفجر لم يطلع وأن الشمس قد غابت، فيكون لقولهما وجه؛ لأن الحكم بغلبة الظن أصل في الشرع.
ولا يجب صيام شهر رمضان إلا برؤية الهلال أو إكمال شعبان ثلاثين يوما، قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حديث ابن عمر: «لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له»، وقال في حديث ابن عباس: «فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما ثم أفطروا»، أدخله مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - في موطئه بعد حديث ابن عمر على طريق التفسير له؛ لأن أهل العلم اختلفوا في معنى قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاقدروا له، فروي عن ابن عمر أنه كان إذا كانت السماء صاحية أصبح مفطرا، وإن كان مغيمة أصبح صائما، فكان يتأول قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - على ذلك. وقد قيل: إن معنى قوله فاقدروا له من التقدير، أن يقدر لمنازل القمر وطريق الحساب. فروي عن مطرف بن عبد الله بن الشخير أنه كان يقول يعتبر الهلال إذا غم بالنجوم ومنازل القمر وطريق الحساب. وروي مثل ذلك عن الشافعي - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - في رواية. والمعروف له المشهور عنه أنه لا يصام إلا برؤية فاشية أو شهادة عادلة كالذي عليه الجمهور. والصواب ما ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - من تفسير حديث ابن عمر بحديث ابن عباس؛ لأن التقدير يكون بمعنى التمام. قال الله عز