ليلا وقد قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق فإن المنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى». وقال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لن يشاد هذا الدين أحد إلا غلبه».
ومن شروط صحة الصيام وفرائضه النية، فلا يجزئ صوم بغير نية؛ للنص الوارد في ذلك عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بقوله: «من لم يبيت الصيام من الليل فلا صيام له»، ولعموم قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وإنما لكل امرئ ما نوى»، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إنما الأعمال بالنيات»، والصيام عمل من الأعمال؛ لأنه من أعمال القلوب فوجب أن لا يجزئ بغير نية؛ لقول الله عز وجل: {وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [البينة: 5]، والصيام من الدين فوجب أن تخلص العبادة لله تعالى به. والذي يلزم من النية في صيام رمضان اعتقاد القربة إلى الله تعالى بأداء ما افترض الله عليه من استغراق طرفي النهار بالإمساك عن الطعام والشراب والجماع.
فصل
وإنما افتقر الصيام إلى النية، وإن لم يكن فعلا مأمورا به من أفعال الأبدان، وإنما هو إمساك عن فعل وهو ترك، والتروك في الشرع لا تفتقر إلى نية؛ لأنه ترك مختص بزمن معلوم فإنه يفتقر إلى النية، بخلاف ما كان منها لا يختص بزمن معلوم كترك الزنا وشرب الخمر وما أشبه ذلك. وقد أطلق القول جماعة من أهل اللغة أن الصيام ليس بعمل، وإلى هذا ذهب الطحاوي وقال فيما روي عن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: أنه قال حكاية عن ربه: «كل عمل ابن آدم فهو له إلا الصيام فإنه لي، وأنا أجزي به»، إنه استثناء منفصل بمعنى لكن، والصواب ما ذكرناه.