النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أنه قال: «والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك، إنما يذر شهوته وطعامه وشرابه من أجلى، الصيام لي وأنا أجزي به، كل حسنة بعشرة أمثالها إلى سبعمائة ضعف، إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به».

فصل

وفضائل الصيام كثيرة، وأفضل الأيام للصيام بعد رمضان يوم عاشوراء. وقد كان هو الفرض قبل أن يكتب رمضان، وقد خص لفضله بما لم يخص به غيره من أن يصومه من لم يبيت صيامه ومن لم يعلم به حتى أكل أو شرب. وقد قيل: إن ذلك إنما كان حين كان صومه فرضا. وروي أن صيامه يكفر سنة، وأن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لم يتحر بصيامه يوما بعينه إلا يوم عاشوراء. وقد اختلف فيه فقيل: هو العاشر، وقيل: هو التاسع. فمن أراد أن يتحراه صام التاسع والعاشر. وقد كان ابن شهاب يصومه في السفر ويأمر بفطر رمضان، فقيل له في ذلك فقال: رمضان فيه عدة من أيام أخر، وهذا يفوت.

وصيام عشر ذي الحجة ومنى وعرفة مرغب فيه، قيل في قول الله عز وجل: {وَلَيَالٍ عَشْرٍ} [الفجر: 2]: إنها عشر ذي الحجة، وفي الشفع والوتر: إن الشفع يوم النحر والوتر يوم عرفة. وقيل في شاهد ومشهود: إن شاهدا يوم الجمعة ومشهودا يوم عرفة. وروي أن صوم يوم عرفة كصيام سنتين، وأن صيام يوم منى كصوم سنة، وأن صوم يوم من سائر أيام العشر كصيام شهر، وهذا في غير الحج. وأما في الحج ففطر يوم عرفة أفضل من صومه. وكان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فيه مفطرا. وصيام الأشهر الحرم أفضل من غيرها، وهي أربعة: المحرم ورجب وذو القعدة وذو الحجة. وفي الأشهر الحرم أيام هي أفضل من سائرها. وقالت عائشة: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يصوم حتى نقول لا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015