والذي يتعين منه تعين الفرض ستر العورة، وما زاد على ذلك فهو سنة. فإن تشاح الأولياء فيما يكفنونه به قضي عليهم أن يكفنوه في نحو ما كان يلبسه في الجمع والأعياد، إلا أن يوصي بأقل من ذلك فتتبع وصيته. وإن أوصى أن يكفن بسرف فقيل: إنه يبطل الزائد، وقيل: إنه يكون في الثلث. وما يستحب في صفة الكفن ويتقى منه مذكور في الأمهات فلا معنى لذكره.
فصل في وجوب الصلاة على الميت
وأما الصلاة عليه فقيل: إنها فرض على الكفاية كالجهاد يحمله من قام به، وهو قول ابن عبد الحكم. ودليله قول الله عز وجل: {وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَدًا} [التوبة: 84]؛ لأن في النهي عن الصلاة على المنافقين دليلا على الأمر بالصلاة على المسلمين، وهو دليل ضعيف، إذ قد اختلف في صريح الأمر هل هو محمول على الندب أو على الوجوب، فكيف إذا لم يثبت إلا بدليل الخطاب الذي قد اختلف في وجوب القول به. وقد قيل: إنها سنة على الكفاية، وهو قول أصبغ.
فصل
ومن سنة الصلاة عليه أن تكون قبل أن يدفن، فإن دفن قبل أن يصلى عليه أخرج وصلي عليه ما لم يفت، فإن فات صلي عليه في قبره. وهو مذهب ابن القاسم وابن وهب، وقيل: إنه إن فات لم يصل عليه لئلا يكون ذريعة للصلاة على القبور، وهو مذهب أشهب وسحنون. واختلف بم يكون الفوت، فقيل: يفوت بأن يهال عليه التراب بعد نصب اللبن وإن لم يفرغ من دفنه، وما لم يهل عليه التراب وإن نصبت اللبن فإنه يخرج ويصلى عليه، وهو قول أشهب. وقيل: إنه لا يفوت إلا بالفراغ من الدفن، وهذا قول ابن وهب في سماع عيسى. وقيل: إنه لا يفوت وإن فرغ من دفنه، ويخرج ويصلى عليه ما لم يخش عليه التغير، وهو قول سحنون وعيسى بن دينار وروايته عن ابن القاسم في سماعه. وإنما يصلى عليه في القبر ما لم [يطل حتى] يغلب على الظن أنه قد فني ببلى أو غيره. وقال أبو حنيفة: لا