عن رقابكم»، إلا الغريق فإنه يستحب أن يؤخر دفنه مخافة أن يكون الماء قد غمره فلم تتبين حياته.
فصل فيما يتوجه على الأحياء في الميت من العبادات
إذا مات الميت ارتفعت العبادات عنه ولذلك قال مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: إن الميت إذا مات يحنط وإن كان محرما، وتوجهت على الأحياء فيه أمور. فالذي يتوجه فيه على الأحياء أربعة أشياء، وهو غسله، وتكفينه، والصلاة عليه، ودفنه. فأما غسله فإنه سنة مسنونة لجميع المسلمين حاشا الشهداء من المجاهدين، وشرعه الله في الأولين والآخرين. روي أن آدم - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لما توفي أتي بحنوط وكفن من الجنة، ونزلت الملائكة فغسلوه وكفنوه في وتر من الثياب وحنطوه، وتقدم ملك منهم فصلى عليه، وصفت الملائكة خلفه، ثم أقبروه وألحدوه ونصبوا اللبن عليه، وابنه شيث معهم. فلما فرغوا قالوا له: هكذا فاصنع بولدك وأخوتك فإنها سنتكم.
فصل
إلا أنها سنة تخص وتعم، فتخص مال الميت وتتعين فيه إن كان له مال، فإن لم يكن له مال اختص غسله بمن يلزمه تكفينه، وتعين عليه أن يلي ذلك بنفسه أو يستأجر عليه من ماله، فإن لم يكن له من يلزمه ذلك من قرابته عم لزوم ذلك سائر الناس ولزمهم القيام به على الكفاية، وسيأتي الكلام على صفة فعله في موضعه من الكتاب إن شاء الله تعالى.
فصل
وقد قيل: إن غسله واجب، قاله عبد الوهاب، واحتج من نص على ذلك بقول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ابنته - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا -: «اغسلنها ثلاثا»، وبقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في المحرم: " اغسلوه "؛ لأن الأمر على الوجوب. وليس ذلك بحجة ظاهرة؛ لأن أمر النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -