وكل ميت فبأجله يموت، مات حتف أنفه أو مات مقتولا. قال الله عز وجل: {فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ} [الأعراف: 34]، هذا قول أهل السنة. وذهبت القدرية مجوس هذه الأمة إلى أنه من قتل فلم يستوف أجله الذي كتب الله له وأنه مات قبل بلوغه، وهو كفر صريح بنوه على أصلهم الفاسد أن العباد خالقون لأفعالهم، فجعلوا موت المقتول من فعل القاتل. وقد أعلم الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين أن قائل هذا ومعتقده كافر بقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ} [البقرة: 258].
واختلف في الروح والنفس، فذهب ابن حبيب في الواضحة إلى أن النفس غير الروح، وأن الروح هو النفس المتردد في الإنسان، وأن النفس جسد مجسدة لها يدان ورجلان ورأس وعينان، وإنها هي التي تلذ وتفرح وتتألم وتحزن [وأنها هي التي تتوفى في المنام فتخرج وتسرح فترى الرؤيا فتسر بما تراه وتفرح به أو تتألم وتحزن]، ويبقى الجسم دونها بالروح لا يلذ ولا يفرح ولا يتألم ولا يحزن ولا يعقل حتى تعود إليه النفس، فإن أمسكها الله تعالى ولم يرجعها إلى جسدها، تبعها الروح فصار معها شيئا واحدا، ومات الجسم، وإن أرسلها إلى أجل مسمى وهو أجل الوفاة حيي الجسم. واحتج لذلك كله بقوله عز وجل: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا وَالَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنَامِهَا فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضَى عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَيُرْسِلُ الأُخْرَى إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [الزمر: 42]