أن يكون فيما بينه وبينها وفيما بينها وبين منتهى سفره أربعة برد فصاعدا. والثاني: أن لا يكون فيما بينه وبينها ولا فيما بينها وبين منتهى سفره إلا أقل من أربعة برد. والثالث: أن يكون فيما بينه وبينها أربعة برد فصاعدا، ولا يكون فيما بينها وبين منتهى سفره إلا أقل من أربعة برد. والرابع: بعكس ذلك، وهو أن لا يكون فيما بينه وبينها إلا أقل من أربعة برد، ويكون فيما بينها وبين منتهى سفره أربعة برد فصاعدا.
فأما الوجه الأول: فلا تأثير لنية دخوله فيها على حال، لكون المسافتين مما يجب في كل واحدة منهما القصر، فهو يقصر من حين خروجه، نوى دخول القرية أو لم ينو، فإن دخلها أتم فيها حتى يخرج منها ويجاوز بيوتها.
وأما الوجه الثاني: فإن نوى دخولها أتم فيما بينه وبينها وفيما بينها وبين منتهى سفره، إذ ليس في واحدة من المسافتين ما يجب فيه قصر الصلاة. وإن نوى أن لا يدخلها قصر من حين خروجه لكون المسافتين باجتماعهما ما يجب فيه قصر الصلاة. وإن نوى دخولها فلما سار بعض الطريق انصرفت نيته عن ذلك فنوى أن لا يدخلها، نظر إلى ما بقي من سفره فإن كان ما تقصر فيه الصلاة قصر، وإلا لم يقصر. وإن نوى أن لا يدخلها فقصر فلما سار بعض الطريق انصرفت نيته عن ذلك فنوى دخولها ففي ذلك قولان: أحدهما: أنه يتمادى على تقصيره حتى يدخلها، وهو مذهب سحنون. ووجهه أن التقصير قد وجب عليه فلا ينتقل عنه إلى الإتمام إلا بنية المقام أو بحلول موضعه. والثاني: أنه يرجع إلى الإتمام بمنزلة أن لو نوى دخولها من أول سفره، إذ ليس فيما بينه وبينها أربعة برد. وعلى هذا يختلف فيمن نوى الرجوع عن سفره إلى البلد الذي خرج منه قبل أن يبلغ أربعة برد، فقيل: إنه يتمادى على تقصيره حتى يرجع إلى بلده، وهو قول سحنون. وقيل: إنه يتم في رجوعه إذ ليس فيما بينه وبين بلده ما يجب فيه قصر الصلاة، وهو الذي في الواضحة وكتاب ابن المواز. وكذلك لو سار في سفره بريدين ثم نوى أن يرجع بعد أن يتمادى بريدا ثالثا.
والوجه الثالث من المسألة: محمول على الوجه الأول منها، فهو يقصر فيما