عن ابن عمر أنه قال: «كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذا جد به السير يجمع بين الظهر والعصر». وما روي عن ابن عباس من أنه قال: «صلى رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الظهر والعصر جميعا، والمغرب والعشاء جميعا في غير خوف ولا سفر.» قال مالك: أرى ذلك كان في مطر. وروي في غير خوف ولا مطر. قال ابن عباس: فعل ذلك لئلا يحرج أمته، وما أشبه ذلك من الآثار.

فصل

فاتفق مالك وجميع أصحابه على إباحة الجمع بين الصلاتين المشتركتي الوقت لعذر السفر والمرض والمطر في الجملة، على الاختلاف بينهم في ذلك على التفصيل. واختلفوا في إباحة الجمع بينهما لغير عذر، فالمشهور أن ذلك لا يجوز، وقال أشهب: ذلك جائز على ظاهر حديث ابن عباس وغيره. واختلفوا أيضا في صفة الجمع وكثير من أحكامه بحسب اختلاف الأعذار المبيحة له. وتحصيل القول في ذلك يفتقر إلى معرفة حقيقة وقتهما وكيفية اشتراكهما فيه. فأول وقت الظهر زوال الشمس عن كبد السماء، وآخر وقتها المختار المستحب أن يكون ظل كل شيء مثله بعد الظل الذي زالت عنه الشمس أيضا على اختلافه في الصيف والشتاء، وهو بعينه أول وقت العصر المختار المستحب، وآخر وقته المختار المستحب أن يكون ظل كل شيء مثليه بعد الظل الذي زالت عنه الشمس أيضا على اختلافه في الصيف والشتاء؛ لأن الظل الذي تزول الشمس عليه لا يعتبر في حال من الأحوال ولا في بلد من البلدان. وتدخل العصر على الظهر في وقتها المختار المستحب فتشاركها فيه للعذر، قيل: من أول الزوال، وقيل: بعد مقدار ما تصلى فيه صلاة الظهر. وتدخل أيضا الظهر على العصر في وقتها المختار المستحب فتشاركها فيه للعذر إلى آخره وهو تمام القامتين. واختلفوا هل تشارك الظهر العصر في وقت الاختيار عند اعتدال القامة، فقيل: إنهما لا يشتركان في ذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015