قد روي عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -. قال أحمد بن خالد: فإن لم يرجع بإحرام أعاد الصلاة. ومثله في مختصر ابن عبيد الطليطلي، إلا أنه قال: يكبر ثم يجلس ويبني، وحكاه عن ابن القاسم. وإنما الصواب أن يجلس ثم يكبر فيبني؛ لأنه إذا كبر قائما فقد زاد في الصلاة الانحطاط من حال القيام إلى حال الجلوس.
فمن رأى السلام يخرجه من الصلاة وقال: إنه يرجع بإحرام، فلا بد له من الرجوع إلى الموضع الذي فارق فيه الصلاة، فإن كان سلم من ركعتين رجع إلى الجلوس، وإن كان سلم من ركعة أو ثلاث ركعات فذكر وهو قائم رجع إلى حال رفع رأسه من السجود ولم يجلس إذ لم يكن ذلك موضعا لجلوسه، وإنما كان الواجب عليه أن يقوم من السجدة الأخيرة دون أن يرجع إلى الجلوس، وهذا بين. ومن رأى أن السلام لا يخرجه من الصلاة فيأتي على مذهبه أنه إن ذكر وهو قائم كبر وابتدأ القراءة ولم يرجع إلى الجلوس؛ لأن قيامه للانصراف محسوب له من صلاته إذا لم يخرجه عنها السلام، وإن ذكر وهو جالس في موضعه قام وكبر وابتدأ القراءة. وهذا على مذهب ابن القاسم إن كان سلم من ركعتين. وأما إن كان سلم من ركعة أو ثلاث فيرجع إلى صلاته ويبتدئ القراءة دون تكبير قائما كان أو قاعدا. وليس في المدونة في هذا بيان إن كان يرجع إلى الجلوس أم لا إلا ما يظهر من مذهب سحنون في قوله إن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رجع يوم ذي اليدين بتكبير. ويحتمل أن تكون تلك التكبيرة - إن ثبتت - تكبيرة إحرام، وأن تكون تكبيرة القيام من اثنتين.
ولقد نازعني بعض أصحابنا في مسألة المدونة وهي قوله فيمن فاته بعض صلاة الإمام فظن أن الإمام قد سلم فقام لقضاء ما فاته فسلم الإمام وهو قائم أنه