فرائض الصلاة مع القدرة عليه، وقيل: إنه فرض قائم بنفسه في الجملة وسنة في الصلاة. فمن ذهب إلى أنه فرض من فرائض الصلاة أوجب الإعادة أبدا على من صلى مكشوف العورة وهو قادر على سترها ناسيا كان أو جاهلا أو متعمدا. ومن ذهب إلى أنه ليس من فرائض الصلاة وإنما هو فرض قائم بنفسه في الجملة وسنة من سنن الصلاة لم يوجب عليه الإعادة إلا في الوقت إن كان ناسيا أو جاهلا، وأما إن كان متعمدا فيعيد أبدا، ولا يدخل في ذلك الاختلاف فيمن ترك سنة من سنن الصلاة عامدا إذ قد قيل: إن ذلك فرض وهو الأظهر لقول الله عز وجل: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: 31].
وكذلك ترك الكلام الاختلاف فيه في المذهب. ذكر أبو بكر الأبهري في الشرح أنه سنة، وبناه على أصلين في المذهب، وإنما قال فيه: إنه سنة؛ لقولهم: إن من تكلم في صلاته ساهيا كمن سها عن سنة من سننها تجزئه صلاته ويسجد لسهوه، بخلاف من سها عن فريضة من فرائضها، فرأى على قياس هذا أنه إنما يعيد إذا تكلم عامدا لترك السنة عامدا. والأظهر أنه فرض، والدليل على وجوبه قول الله تعالى: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] أي: صامتين. وقد كان الناس في أول الإسلام يتكلمون في الصلاة حتى نزلت {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] فنهوا عن الكلام. وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «إن الله يحدث من أمره ما يشاء وإن مما أحدث أن لا تتكلموا في الصلاة»، والفرق بين الكلام ساهيا وترك الفريضة ساهيا أن الكلام شيء قد فرط لا يمكنه استدراكه؛ لاستحالة ترك فعل الشيء بعينه بعد فعله، وقد تجاوز الله عنه بنص قول النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «تجاوز الله لأمتي عن الخطأ والنسيان»