مذهب من رأى أن لها وقتين. وانقضاء نصف الليل في العشاء الآخرة. والإسفار في الصبح على مذهب من رأى أن له وقت ضرورة؛ لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «تلك صلاة المنافقين يجلس أحدهم حتى إذا اصفرت الشمس وكانت بين قرني الشيطان أو على قرني الشيطان قام فنقر أربعا لا يذكر الله فيها إلا قليلا». ولأنه لم يعلم أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أخر صلاة من الصلوات حتى خرج وقتها المختار المستحب.
فمن فعل ذلك فهو مضيع لصلاته مفرط فيما أمره الله به من حفظها ورعايتها آثم لتضييعه وتفريطه وإن كان مؤديا لها غير قاض. وأما تركها حتى يخرج وقتها فهو من الكبائر، قال الله عز وجل: {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59]، وإضاعتها على ما قال أكثر أهل التأويل تأخيرها عن مواقيتها. والغي بئر في قعر جهنم يسيل فيه صديد أهل النار، وقيل: الغي الخسران وقيل: الشمر، والمعنى في ذلك متقارب.
فصل
فوقت الصلاة يتسع لتكرار فعلها مرارا، وجميعه وقت لجواز فعلها. واختلف في وقت الوجوب منه على أربعة أقوال:
أحدها: قول أصحاب مالك: إن الصلاة تجب بأول الوقت وجوبا موسعا وأن جميع الوقت وقت للوجوب.
والثاني: قول أصحاب الشافعي: إن الصلاة تجب بأول الوقت وإنما ضرب آخره تمييزا للأداء عن القضاء. وهذا فيه نظر؛ لأنك إذا أطلقت القول بوجوب الصلاة في أول الوقت لزمك أن لا تجيز له تأخيرها عن وقت الوجوب وهو أول الوقت، وهذا ما لا يقوله أحد.