فإن اتفق الشاهدان على اللفظ في الشهادة واختلفا في المواطن جازت الشهادة، وهذا ما لا اختلاف فيه من قول ابن القاسم إن الأقوال تلفق إذا اتفق اللفظ أو اختلف واتفق المعنى وإن تفرقت المجالس والأوطان.
وأما إن اختلف اللفظ والمعنى واتفق ما يوجب الحكم من الشهادة، مثل أن يشهد أحدهما أنه قال له يا زان ويشهد الآخر أنه قال له ليس أبوك فلان، فالمشهور أن الشهادة لا تجوز، مثل أن يشهد أحد الشاهدين على الرجل أنه صالح امرأته ويشهد الآخر أنه طلقها ثلاثا على أنها بائنة منه فيفرق بينهما بشهادتهما. فيأتي على هذا القول أن يحد المشهود عليه بشهادة الشاهدين لأنهما قد اجتمعا على إيجاب الحد عليه. وذلك أيضا مثل أن يشهد أحد الشاهدين أنه قال إن ركبت الدابة فامرأتي طالق ويشهد الآخر أنه قال إن دخلت الدار فامرأتي طالق، فركب الدابة ودخل الدار. اختلف في ذلك أيضا، والمشهور أن الشهادة لا تلفق ولا تجوز.
وأما إن اختلف اللفظ في الشهادة واختلف ما يوجبه من الحكم فلا تلفق الشهادة باتفاق. وأما الأفعال فإنها لا تلفق وإن اتفقت المواطن على مذهب ابن القاسم، إلا فيما يستند إلى القول كشرب الخمر، لأن الحد فيه مبني على القذف، لأنه إذا شرب سكر، وإذا سكر هذى، وإذا هذى افترى. وكالرجل يحلف بالطلاق لا يدخل الدار فيشهد عليه رجل أنه دخلها يوم السبت ويشهد عليه آخر أنه دخلها يوم الجمعة أو يوم الأحد وما أشبه ذلك. وقال محمد بن مسلمة وابن نافع: لا تلفق الأفعال في موضع من المواضع، وابن الماجشون يلفق الأفعال إذا اتفقت الشهادة في الزنا وإن اختلفت المواطن. وأما إن اختلفت الأفعال فلا تجوز الشهادة وإن اتفق ما توجب من الحكم.
فصل
واختلف أهل العلم هل تسقط شهادة القاذف بنفس القذف أو لا تبطل حتى