يسبوا قراءتك، ولا تخافت بها حتى لا يسمعك أصحابك، وقيل: معناه في الدعاء والله سبحانه وتعالى أعلم.
إلا أن هذا كله مجمل أجمله الله في كتابه فلم يحد فيها الأوقات، ولا بين فيه عدد السجدات والركعات، ولا شيئا من رتبة عملها في القيام والجلوس. فلو تركنا وظاهر ما في القرآن لم يصح لنا منه امتثال ما أمرنا به من إقامة الصلاة، لكن النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قد بين ما أجمل الله تعالى في كتابه من ذلك قولا وعملا كما أمره الله سبحانه وتعالى حيث يقول: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: 44]، فبين - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مواقيت الصلاة، وعدد الركعات والسجدات، وصفة جميع الصلوات، وما لا تصح إلا به من الفرائض، وما يستحب فيها من السنن والفضائل، ونقلت ذلك عنه الكافة عن الكافة، ولم يمت - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى بين جميع ما بالناس الحاجة إلى بيانه، فكمل الدين. قال الله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا} [المائدة: 3] نزلت هذه الآية على النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في حجة الوداع يوم الجمعة في يوم عرفة.
فصل
فالصلاة تجب بأربع شرائط متفق عليها، وشرط خامس مختلف فيه هل هو مشروط في وجوب الصلاة أو في صحة فعلها.
فأما الأربعة المتفق عليها فهي: البلوغ، والعقل، ودخول الوقت، وارتفاع الحيض والنفاس. فأما البلوغ والعقل: فالدليل على صحة اشتراطهما في وجوب الصلاة قول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «رفع القلم عن الصبي حتى يحتلم وعن المجنون