وكان بدء الصلاة قبل أن تفرض الصلوات الخمس ركعتين غدوا وركعتين عشيا. وروي عن الحسن في قول الله سبحانه وتعالى: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ بِالْعَشِيِّ وَالإِبْكَارِ} [غافر: 55]، أنها صلاته بمكة حين كانت الصلاة ركعتين غدوا وركعتين عشيا، فلم يزل فرض الصلاة على ذلك ما كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والمسلمون بمكة تسع سنين، فلما كان قبل الهجرة بسنة أسرى الله بعبده ورسوله - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عرج به جبريل من بيت المقدس إلى سماء الدنيا، ثم مضى به من سماء إلى سماء حتى انتهى به إلى السماء السابعة ثم إلى سدرة المنتهى، فأوحى الله إلى عبده ما أوحى، وفرض عليه عند ذلك وعلى أمته أن يصلوا كل يوم وليلة خمسين صلاة قال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فلما انصرفت بهن لقيت موسى بن عمران في السماء السادسة، فقال: بماذا أمرت فقلت: أمرت بخمسين صلاة في كل يوم وليلة، فقال لي: إن أمتك لا تطيق ذلك وقد بلوت الناس قبلك وقاسيت بني إسرائيل أشد المقاساة لقد فرضت عليهم صلاتان في كل يوم وليلة فما أطاقوهما، فارجع إلى ربك وسله التخفيف عن أمتك، ففعلت، فجعلها ربي أربعين صلاة، فمررت بموسى، فقال لي: ما فعلت، فقلت: جعلها ربي أربعين صلاة، فقال: سله التخفيف فإن أمتك لا تطيق ذلك، فما زلت أنطلق بين ربي وموسى وينقصها حتى جعلها خمس صلوات، ثم قال لي: قد أمضيت فريضتي وخففت عن أمتك وجعلت لهم الحسنة بعشر أمثالها فخمس بخمسين، فعلمت أنها عزمة من ربي». فمعنى قوله خمس بخمسين أنها خمس في العدد وخمسون في تضعيف الحسنات، جعل الصلاة بعشرة وجعل سائر الحسنات، بسبب ما كان من فرض الصلوات كل حسنة بعشرة أمثالها، تفضلا منه لمحمد - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وأمته ولم يعط ذلك نبي قبله.
وذكر الله تبارك وتعالى الصلاة بركوعها وسجودها وقيامها وقراءتها وأوقاتها