قال: لا تقطع في أقل من أربعة دراهم. ومنهم من قال: لا تقطع في أقل من خمسة دراهم. ومنهم من قال: لا تقطع في أقل من عشرة دراهم. ومنهم من قال: لا تقطع في أقل من دينار، ومنهم من قال: لا تقطع في أقل من دينار أو عشرة دراهم. فهذه عشرة أقوال أصحها قول مالك ومن تابعه أنه لا تقطع يد السارق ثلاثة دراهم كيلاً، وإن كان ذلك أكثر من ربع دينار. ومن سرق ما سوى الفضة والذهب لم يقطع إلا أن تكون قيمته ثلاثة دراهم. ولا تقوم السرقة بالذهب لأن الآثار تعضد قوله وتؤيده وتشهد بصحته. ثبت «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قطع في مجن ثمنه ثلاثة دراهم» وأنه قال: «لا قطع في ثمر معلق ولا في حريسة جبل فإذا آواه المراج والجرين فالقطع فيما يبلغ ثمن المجن». فدل ذلك من قوله- عَلَيْهِ السَّلَامُ - على أن المسروق إنما يقوم بالدراهم لا بالدنانير، كما فعل عثمان - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - في الأترجة التي قومها بالدراهم فبلغت ثلاثة دراهم من صرف اثني عشر درهما بدينار فقطع سارقها. وقالت عائشة: ما طال علي وما نسيت القطع في ربع دينار فصاعدا، معناه فيمن سرق الذهب بعينه لا فيمن سرق ما قيمته ربع دينار، لأن من سرق ما يقوم من العروض فالسنة فيه أن يقوم بالدراهم على ما ثبت من قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «فالقطع فيما يبلغ ثمن المجن».
وأيضا فالدراهم والدنانير كل واحد منها أصل في نفسه لا يرد إليه صاحبه لأنهما جميعا أثمان للأشياء وقيم للمتلفات، واختصت السرقة بالتقويم بالدراهم دون الدنانير من سائر المتلفات للسنة المذكورة.