فإذا صح اعتبار الحرز فليس من شرطه الأبواب ولا الأقفال ولا الأغلاق، وإنما الحرز على ما جرت به العادة من أن الناس يحرزون متاعهم فيه ويحفظونه به، وما هو حرز مما ليس بحرز تأتي عليه مسائل الكتاب وغيره إن شاء الله تعالى. من ذلك اختلافهم في السرقة من الدار المشتركة أو المأذون فيها. وتحصيل القول في ذلك أن الدور تنقسم في السرقة منها على ستة أقسام:
دار حجرها ساكنها أو مالكها عن الناس.
ودار ينفرد الرجل بسكنها مع زوجته عن الناس.
ودار أذن فيها ساكنها أو مالكها إذنا عاما للناس.
ودار مشتركة بين ساكنيها مباحة للناس.
ودار المشتركة بين سكانها محجورة عن سائر الناس.
فأما الدار التي حجرها ساكنها أو مالكها عن الناس فالقطع على من سرق منها ما يجب فيه القطع إذا خرج به من الدار. وإن سرق من بعض بيوتها وأخذ في الدار قبل أن يخرج منها لم يقطع ولا خلاف في هذا.
وأما الدار التي أذن فيها ساكنها أو مالكها الخاص من الناس كالرجل يضيف الضيف فيدخله داره، أو يبعث الرجل إلى داره ليأتيه من بعض بيوته بمتاعه أو ما أشبه ذلك، فاختلف إذا سرق الضيف أو الرجل المبعوث من بيت معلق قد حجر عليه دخوله على قولين:
أحدهما: قوله في المدونة في كتاب ابن المواز أنه لا يقطع وإن خرج بما سرق من جميع الدار لأنه خائن وليس بسارق.
والثاني: قول سحنون إنه يقطع وإن لم يخرج به من الدار إذا خرج به إلى الموضع الذي أذن له بدخوله لأنه أشبه عنده الشركاء في ساحة الدار إذا سرق