فصل

واستتابته إذا أبى من الصلاة أن ينتظر به حتى يخرج وقتها. والوقت في ذلك للظهر والعصر إلى غروب الشمس، وللصبح إلى طلوع الشمس، وللمغرب والعشاء إلى طلوع الفجر. وقال إسحاق بن راهويه: وقد أجمعوا في الصلاة على شيء لم يجمعوا عليه في سائر الشرائع، وهو أن من عرف بالكفر ثم رئي يصلي الصلاة في وقتها حتى صلى صلوات كثيرة في أوقاتها ولم يعلم أنه أقر بالتوحيد بلسانه فإنه يحكم له بالإيمان، بخلاف الصوم والزكاة والحج يريد، والله أعلم، أنه كما يحكم له بفعل الصلاة بحكم الإيمان والإسلام، فكذلك يحكم له إذا تركها بحكم الكفر والارتداد. وهو قول أحمد بن حنبل: إنه لا يكفر أحد بذنب من أهل القبلة إلا بترك الصلاة عمدا. وحجة من ذهب إلى هذا: ظواهر الآثار الواردة عن النبي - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - بتكفير تارك الصلاة. من ذلك قوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من ترك الصلاة فقد حبط عمله»، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «ليس بين العبد وبين الكفر أو قال الشرك إلا ترك الصلاة»، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من ترك الصلاة حشر مع هامان وفرعون»، وقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من صلى صلاتنا واستقبل قبلتنا فذلك المسلم الذي له ذمة الله. ومن أبى فهو كافر وعليه الجزية». وقال ابن حبيب: من ترك الصلاة مفرطا فيها أو مكذبا بها أو مضيعا لها فهو كافر في تركه إياها، وكذلك أخوات الصلاة من الصيام والزكاة والحج. وحجته في ذلك: ظواهر الآثار المذكورة في الصلاة، وقول أبي بكر الصديق - رَضِيَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَنْهُ -: والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة. وانفرد ابن حبيب بهذا من بين سائر أهل العلم.

والقول الثاني: هو ما ذهب إليه مالك والشافعي وأكثر أهل العلم، أن من ترك الصلاة وأبى من فعلها وهو مقر بفرضها، فليس بكافر، ولكنه يقتل على ذنب من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015