واختلف إن اختلفت أيامها المعتادة فالمشهور أنها تستظهر على أثر أيامها، وقال ابن حبيب: إنها تستظهر على أقل أيامها، وذهب ابن لبابة إلى أنها تغتسل عند أقل أيامها من غير استظهار وتكون مستحاضة، وهو خطأ صراح يرده القرآن ويبطله الاعتبار.

فصل

والحيض قد تتصل أيامه وقد تتقطع على ما بيناه من أن الرحم يثج الدم المجتمع فيه في مدة القرء ثجا متصلا، وقد يثجه شيئا بعد شيء، وقد مضى القول في اتصاله، وأما انقطاعه فحكمه أن تلفق فيه أيام الدم وتلغي أيام الطهر، فإذا اجتمع في أيام الدم أيامها المعتادة والاستظهار أو خمسة عشر يوما على الاختلاف الذي قدمنا ذكره كانت مستحاضة، ولم تلتفت إلى الدم الذي تراه بعد ذلك ما بينها وبين مضي أقل مدة الطهر من اليوم الذي حكم فيه باستحاضتها، وتغتسل متى ما انقطع عنها وتصلي وتصوم، وتعد اليوم الذي ترى الدم في بعضه من أيام الدم لا من أيام الطهر، وإن لم تر الدم فيه إلا ساعة أو لمعة، ولا تلفق أيام الطهر في مذهب مالك وأصحابه، حاشى محمد بن مسلمة فإنه ذهب إلى أنها تلفق أيام الدم وأيام الطهر، فتكون في أيام الدم حائضا وفي أيام الطهر طاهرا أبدا إن ساوت أيام الدم أيام الطهر أو كانت أقل منها، مثل أن تحيض يوما وتطهر يوما، أو تحيض يومين وتطهر يومين، وأما إن كانت تحيض يومين وتطهر يوما، فتلفق أيام الدم وتلغي أيام الطهر وتكون مستحاضة إذا اجتمع من أيام الدم أيامها المعتادة؛ لأنه لا يقول بالاستظهار على ما قدمناه عنه، وكذلك الحكم في النفاس إذا تقطع دمه ولم يتصل، أعني أنها تلفق أيام الدم وتلغي أيام الطهر حتى تبلغ أقصى مدة النفاس على الاختلاف في حد ذلك، ثم تكون مستحاضة إن زاد الدم على ذلك الأكثر، إذ لا استظهار فيه كالحيض الذي هو جار على عادة وله أيام معتادة ولا يساويه في المدة. وانظر هل يصح أن تلفق فيه أيام الطهر على مذهب ابن مسلمة، ولا يبعد ذلك عندي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015