بغير تعديل ولا تقويم تجوز في الجنس الواحد وفي المختلف من الأجناس أيضا، وفي المكيل والموزون إلا فيما لا يجوز فيه التفاضل من الطعام إلا أنه لا قيام فيها لواحد منهم على صاحبه بالغبن، لأنه لم يأخذها أحد على قيمة مقدرة ولا على ذرع معلوم ولا على أنه مماثل لما خرج عنه، وإنما أخذه بعينه على أن يخرج فيما سواه من جميع حقه سواء كان أقل منه أو أكثر كبيع المكايسة سواء.

فصل

وهذه القسمة لا يختلف فيها أنها بيع من البيوع، وإنما يحكم فيها بحكم البيع فيما يطرأ من الاستحقاق والرد بالعيوب وسائر الأحكام المتعلقة بالبيوع. وأما القسمة على الوجهين الأولين فاختلف هل هي تمييز حق أو بيع من البيوع، فنص مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في المدونة على أنها بيع من البيوع. وذهب سحنون إلى أنها تمييز حق. ويوجد من قوله ما يدل على خلاف مذهبه. واضطرب قول ابن القاسم في ذلك على ما تقتضيه مسائله في المدونة وغيرها. ووجه قول من قال إنها بيع من البيوع هو أن كل واحد من المتقاسمين عاوض صاحبه في حصته بحصته فملك حصة صاحبه من الجزء الذي صار إليه بحصته من الجزء الذي خرج عنه، وهذه معاوضة محضة، والمعاوضة مبايعة. ووجه قول من قال إنها تمييز حق أنها غير موقوفة على اختيار المتقاسمين بل قد تجوز فيها المخاطرة بالقرعة، وذلك ينافي البيع، فثبت أنها لتمييز الحق. والأظهر في قسمة القرعة أنها تمييز حق، وفي قسمة المراضاة بعد التعديل والتقويم أنها بيع من البيوع.

وأما قسمة المراضاة بعد تعديل ولا تقويم فلا اختلاف أنها بيع من البيوع في جميع الأحكام كما ذكرنا.

فصل

والقرعة إنما جعلت في القسمة تطييبا لأنفس المتقاسمين، وأصلها قائم من كتاب الله عز وجل وسنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فأما الكتاب فقوله تعالى في قصة يونس عليه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015