وقد اختلف عي الشركة التي يوجبها الحكم هل تجب الشفعة بها قبل تقررها أم لا على قولين.
أحدهما. أن لا شفعة في ذلك، وهي رواية أشهب عن مالك في أصل سماعه.
والثاني. أن الشفعة في ذلك واجبة، وهو قول أشهب من رأيه، ونصب الرواية قال: وسئل مالك فقيل له: إني أعطيته في خيف في وادي خمسين ومائة قفيز بين كل قفيزين عشرة أذرع، ثم إن بعض أهل ذلك الخيف من أهل الأرض باعوا ذلك الخيف، فهل لي شفعة فيما باعوا؟ فقال له لا أظن أن لك شفعة. فقال إنهم لم يحدوه ولم يقسموه ولم يسموا لي في أعلى الحائط ولا في أسفله. فقال ما أرى لك شفعة، أراهم قد سموا لك أذرعا مسماة، فقال لمالك إنهم لم يسموها في موضع من الخيف بعينه، فأين أجد ذلك في أعلى الخيف أم في أسفله؟ فقال له لا أدري اذهب إلى القاضي. قال أشهب: أوهم مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - فيما أفتى به الرجل. أرى له في ذلك الشفعة، لأنه أعطاه خمسين ومائة قفيز بأذرع مسماة لم يعطها له في موضع بعينه حتى تكون معروفة بأعيانها فلا تكون له شفعة، ولكنه إنما أعطاه أذرعا ليس ذلك له في موضع محدود بعينه حتى يكون بعرف الذي له من الخيف، وإنما إعطاء من الخيف عدد أذرع يكون له شريكا في الخيف أعلاه وأسفله بقدرها من عدد الأذرع كلها، بمنزلة الذي يكون له في حائط مائة نخلة فيهب منها لرجل محشر بخلاف لا يسميها بأعيانها فيكون شريكا له في الحوائط بالعشر. فإن باع الواهب أو الموهوب له قبل القسم كان في ذلك الشفعة. وفي المجموعة لأشهب وابن نافع مثل قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - إنه لا شفعة في ذلك، إلا أن أشهب تأول أنه إنما وهب القفز دون الأرض، فلذلك لم ير له شفعة.
وقد نزلت هذه المسألة بصاحبنا الفقيه أبي القاسم أصبغ بن محمد - رَحِمَهُ اللَّهُ - في قرية نسان، وذلك أن صاحبها توفي فابتاع من بعض ورثته حظوظهم، وكان صاحبها قد باع قبل موته فيها من غيره مبذر زوجين على الإشاعة، فطلبه