فأما الوكالة فمما يلزم الرجل القيام به لغيره فكتوكيل الأوصياء والوكلاء المفوض إليهم من ينوب عنهم فيما يلزمهم لمن وكلهم أو لمن إلى نظرهم. وكاستخلاف الإمام على ما يلزمه القيام به من أمر المسلمين. كان رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يستخلف على المدينة إذا خرج لغزو أو حج أو عمرة، ويبعث عماله إلى البلاد، وأمراءه على الأجناد. ومن ذلك «بعثه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معاذ بن جبل وأبا موسى الأشعري إلى اليمن معلمين، فلما قدما اليمن تفرقا في المنزل ثم التقيا، فقال معاذ لأبي موسى كيف هذا تقرأ القرآن. قال مالك وأحسبهما كانا قد أتيا لتعليم الناس الإسلام والقرآن، فقال أبو موسى أما أنا فأتفوقه تفوقا ماشيا وراكبا وقاعدا وقائما وعلى كل حال. وقال معاذ أما أنا فأنام أول الليل وأقوم آخره وأحتسب نومتي كما احتسب قومتي» «واستعماله على مكة عتاب بن أسيد؟» «وبعث - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلى موتة جيشا وأمر عليهم زيد بن حارثة، فإن أصيب زيد فجعفر بن أبي طالب أميرهم، فإن أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة أميرهم. فانطلقوا حتى لقوا ابن أبي سيرة الغساني بمؤتة وبها جموع من نصارى العرب والروم. فأغلق ابن أبي سيرة الحصن دون المسلمين ثلاثة أيام ثم خرجوا فالتقوا فاقتتلوا قتالا شديدا. فأخذ اللواء زيد بن حارثة فقتل، ثم أخذه جعفر بن أبي طالب فقتل، ثم أخذه عبد الله بن رواحة فقتل، ثم اصطلحوا على خالد بن الوليد فهزم الله العدو وأظهر المسلمين. وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قبل أن يأتي نعيهم المدينة: " مر علي بجعفر بن أبي طالب في الملائكة يطير كما يطيرون له جناحان ". وقدم يعلى بن منيع على رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بخبرهم، فقال - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: " إن شئت فأخبرني وإن شئت فأخبرك. فقال بل أخبرني يا رسول الله. فأخبره رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خبرهم كله ووصفه له. فقال والذي بعثك بالحق ما تركت من حديثهم حرفا واحدا لم تذكره وإن أمرهم لكما ذكرت