فصل

فيه. وسميت مفاوضة لاستوائهما في الربح والضمان وشروعهما في الأخذ والإعطاء من قولهم تفاوض الرجلان في الحديث إذا شرعا فيه. وهي عند مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجميع أصحابه وأكثر أهل العلم جائزة خلافا للشافعي في قوله إن شركة المفاوضة غرر لا تجوز لتضمنها مشاركة كل واحد منهما صاحبه فيما يضمن أو يربح أو يخسر بإذنه وبغير إذنه. والدليل على صحة ما ذهب إليه مالك ما روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: «تفاوضوا فإنها أعظم بركة». وهذا نص في موضع الخلاف مع أنه لا غرر فيها، لأنهما إنما أخرجا المالين ثم وكل كل واحد منهما صاحبه على التصرف فيه على الإطلاق، وذلك جائز إذا صرحا به، فلا فصل بين أن يصرحا به أو يقصداه، فإن الخبر المعروف «نهي النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - عن بيع الغرر» والشركة لا تسمى بيعا.

فصل

والمفاوضة جائزة على ما يتفاوضان عليه من الأجزاء، ولا تفسد المفاوضة بينهما وإن كان لأحدهما مال غيره لم يدخله في المفاوضة، خلافا لأبي حنيفة في الوجهين.

فصل

وأما شركة المضاربة فهي أن يدفع الرجل إلى الرجل مالا يتجر فيه ويكون الربح فيه بينهما على ما يتفقان عليه من الأجزاء، والوضعية على رأس المال وهي المقارضة. وإنما سميت مضاربة من الضرب في الأرض، وذلك أن الرجل في الجاهلية كان يدفع المال إلى الرجل على أن يخرج به إلى الشام وغيره فيبتاعه به المتاع على هذا الشرط. وقد مضى هذا في موضع من كتاب القراض مستوفى، وإنما ذكرناه ها هنا لما اقتضاه من التقسيم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015