يقول الله تعالى: هل يستوي العبد الذي يكون بين الجماعة المشتركين فيه السبتة أخلاقهم، والعبد الذي يكون خالصا لرجل واحد فيرضيه بخدمته ويعرف له حق طاعته فيثيبه عليها أو لا يستوي ذلك. وهذا مثل ضربه الله تعالى للكافر الذي يعبد آلهة شتى، والمؤمن الذي لا يعبد إلا الله. ثم قال تعالى: {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أُولُو الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينُ فَارْزُقُوهُمْ مِنْهُ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلا مَعْرُوفًا} [النساء: 8]. فدل على اشتراكهم في المال المقسوم قبل القسمة، كائنا ذلك المال ما كان من الأموال وقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «أيما دار قسمت في الجاهلية فهي على قسم الجاهلية، وائما دار أدركها الإسلام ولم تقسم فهي على قسم الإسلام.» قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «من أعتق شركا له في عبد قوم عليه قيمة العدل .. الحديث» «وقضى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بالشفعة بين الشركاء ما لم تقع الحدود فإذا وقعت الحدود فلا شفعة».
وهذا كله أبين من أن يحتاج إلى بسطه والتكلم عليه والاحتجاج له، إذ لا إشكال فيه ولا اختلاف بين أحد من أهل العلم. وكفى من هذا ما تقتضيه آية المواريث، وإنما ذكرناه لما تعلن به من معنى الشركة. وإنما القصد إلى التكلم على الاشتراك للربح والكسب ابتغاء الارتفاق في ذلك وما يجوز منه مما لا يجوز على مذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - إذ على ذلك بنيت مسائل الكتاب.
فصل
فالشركة للربح والكسب ابتغاء الارتفاق تنقسم على ثلاثة أقسام: