والمسألة عندي صحيحة لا اعتراض فيها لأن قوله إذا كان ممن يستعمل مثله في القراض ليس من تمام قوله فإن نكل عن اليمين كان القول قول العامل مع يمينه إذا كان ممن يستعمل مثله في القراض، وإنما المعنى في المسألة أن الكلام قد تم بقوله فإن نكل عن اليمين كان القول قول العامل مع يمينه، ثم ابتدأ فقال: وهذا الذي وصفته من الأيمان إنما يكون إذا كان ممن يستعمل مثله في القراض، لأنه إذا كان ممن يستعمل في القراض يكون كل واحد منهما قد ادعى على صاحبه ما يشبه فوجبت له اليمين عليه على ما قلناه، فإن نكلا أو حلفا كان للعامل أجر مثله إلا أن يكون أكثر من نصف الربح كما قال. وإن نكل العامل وحلف رب المال أخذ المال وربحه ولم تكن عليه أجرة. وإن نكل رب المال وحلف العامل استوجب نصف ربح المال على ما حلف عليه. وأما إن كان العامل ممن لا يستعمل مثله في القراض فلا يمكن من اليمين لإتيانه بما لا يشبه، ويكون القول قول رب المال، فإن حلف استحق ما ادعاه من أنه كان أبضع معه المال ولم تكن عليه إجارة، وإن نكل عن اليمين كان القول قول العامل وإن كان مثله لا يستعمل في القراض، لأن رب المال قد أمكنه من دعواه وإن كان لا تشبه بنكوله عن اليمين. فهذا هو معنى المسألة لا ما سواه.
ولو كان المدفوع إليه المال ممن يعلم أنه يعمل للناس بالقراض لوجب أن يكون القول قوله على مذهب ابن القاسم أنه أخذه على ما يدعي من القراض إن كان الجزء الذي ادعاه يشبه أن يكون قراض مثله. وإن كان لا يشبه أن يكون قراض مثله حلفا جميعا وكان له قراض مثله قياسا على قوله في مسألة كتاب الجعل والإجارة في الصانع ورب الثوب يختلفان فيقول رب الثوب عملته لي باطلا ويقول الصانع بل عملته لك بكذا وكذا، وعلى قياس قول غيره في مسألة الصانع من الكتاب المذكور يكون القول قوله أنه أخذه على ما يدعي من القراض إن كان الجزء الذي ادعاه أكثر من قراض مثله حلفا جميعا وكان له قراض مثله. نقف على افتراق هذه الوجود الثلاث