فيهما، لأن من أصل ابن القاسم أن كل ما وضعت الجائحة في قليله وكثيره، لم تجز المساقاة فيه، وما لم توضع الجائحة فيه إلا في الثلث، جازت فيه المساقاة؛ وروى سحنون عن ابن القاسم أن المساقاة جائزة فيهما أي في الفجل والاسفنارية، وعلته في جواز المساقاة فيهما: أن لهما حدا يجوز إليه بيعهما فيما لم يبلغا حد جواز البيع فيهما، أشبها الزرع وقصب السكر ونحو ذلك في جواز المساقاة فيها بعد نباتها واستقلالها.
وتجوز المساقاة على ما اتفقا عليه من الأجزاء، وعلى أن تكون الثمرة كلها له بعمله؛ وقد قيل إن إعطاء الرجل الرجل ثمر حائطه كلها بعمله فيه منحة وعطية كإخدام العبد، لأن المخدم ينفق عليه فيفتقر إلى الحيازة، ويبطل بالموت، وهو بعيد؛ ولا يجوز أن يشترط أحدهما على صاحبه زيادة دنانير ولا دراهم ولا شيئا من الأشياء إلا ما استخف من اشتراط الشيء اليسير على العامل من العمل الذي لا يلزمه، مثل سد الحظيرة، وإصلاح الغفيرة وهي مجتمع الماء من غير أن ينشئ بناءها، لأن المساقاة عقد مستثنى من الأصول جوز للضرورة، فلا يجوز منه إلا قدر ما جوزه الشرع، والذي جوزه الشرع منه ما كان متعلقا بإصلاح الثمرة، وما زاد على ذلك كان ممنوعا بالأصل، لأنه إجارة مجهولة وبيع الثمر قبل بدو صلاحها.
فصل
وعمل الحائط على وجهين:
فمنه ما يتعلق بإصلاح الثمرة.
ومنه ما لا يتعلق بإصلاحها.
فأما ما لا يتعلق بإصلاح الثمرة، فلا تجب على المساقي، ولا يصح أن يشترط عليه من ذلك إلا الشيء اليسير - كما تقدم.