فصل

ولا تجوز المساقاة إلى أجل مجهول، وإنما تجوز إلى سنين معلومة وأعوام معدودة، إلا أنها تكره فيما طال من السنين وانقضاء السنين فيها بالأجرة لا بالأهلة فلا تجوز المساقاة إلى أشهر معلومة.

فصل

وليس في قول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ليهود خيبر: «أقركم ما أقركم الله»، دليل على جواز المساقاة إلى أجل مجهول، لأن قوله ذلك إنما كان عدة منه لهم في أن يقرهم في المساقاة على شروطها - ما أقرهم الله أي لم يأمره الله تعالى بإجلائهم عنها، وترك معاملتهم فيها، وكان يرجو ذلك من الله، فلم يأذن له فيه إلا في مرضه الذي مات منه، فأوصى بذلك وأجلاهم عمر بعده لأنه ساقاهم مدة مجهولة أو مدى أعمارهم، وإنما قال ذلك لهم بعد عقد المساقاة معهم كما يقول الرجل للرجل إذا شاركه أو قارضه: أنت شريكي ما أحيانا الله، لا يريد بذلك ضرب مدة مجهولة، وإنما يريد إني أبقى معك على القراض. والشركة على شروطها؛ هذا تأويل الحديث عندنا - والله أعلم. وقد قيل إنه إنما قال ذلك لهم وكان يخرص عليهم، لأنهم عبيده أفاءهم الله بأرضهم عليه؛ ويجوز بين العبد وسيده من الغرر ما لا يجوز بين الأجنبيين، وقد تقدم تضعيف هذا التأويل فلا معنى لإعادة القول فيه.

فصل

وتجوز المساقاة في كل أصل له ثمرة ما لم يحل بيع الثمرة - كان الأصل ثابتا أو غير ثابت، إلا أنه ما كان ثابت الأصل كالنخل والشجر والزيتون فتجوز فيه المساقاة - عجز عنها صاحبها أو لم يعجز، وما كان غير ثابت الأصل كالمقاثي والباذنجان والكمون والزرع وقصب السكر، فلا تجوز فيه المساقاة حتى يعجز عنه صاحبه؛ هذا على مذهب مالك؛ وابن نافع يجيز المساقاة في ذلك كله - عجز عنه صاحبه، أو لم يعجز؛ والشافعي لا يجيز المساقاة إلا في النخل والكرم الذي جاء

طور بواسطة نورين ميديا © 2015