{إِنَّا بَلَوْنَاهُمْ كَمَا بَلَوْنَا أَصْحَابَ الْجَنَّةِ إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّهَا مُصْبِحِينَ} [القلم: 17] {وَلا يَسْتَثْنُونَ} [القلم: 18] {فَطَافَ عَلَيْهَا طَائِفٌ مِنْ رَبِّكَ وَهُمْ نَائِمُونَ} [القلم: 19] فَأَصْبَحَتْ كَالصَّرِيمِ، يقول تبارك وتعالى: إنا اختبرنا وامتحنا مشركي قريش، كما امتحنا أصحاب الجنة وأصحاب الجنة هؤلاء على ما ذكر بعض أهل التفسير قوم كانت لهم جنة وهي البستان ويقال إنها أرض باليمن يقال لها ضوران فكان فيها رجل من بني إسرائيل كانت له هذه الجنة فكان يؤدي حق الله فيها إلى المساكين؛ وجاء في التفسير أنه كان يأخذ منها قوت سنة ويتصدق بالباقي، وجاء أيضا أنه كان يترك ما أخطأ المنجل، وما كان في أسفل الأكداس، وما أخطأه القطاف من العنب، وما خرج عن البساط الذي يبسط تحت النخلة إذا صرمت، فكان يجتمع من ذلك شيء كثير؛ فلما مات ورثه بنوه فقالوا والله إن كان أبونا لأحمق حين كان يطعم المساكين - ونحن جماعة؛ فإن فعلنا بالمساكين ما كان يفعل أبونا ضعنا، فحلفوا ليصرمنها بسدفة من الليل، قال الله عز وجل: {وَلا يَسْتَثْنُونَ} [القلم: 18]، أي لم يقولوا: إن شاء الله فلما كان في أول الوقت الذي اتعدوا فيه في أول الصبح بسدفة، غدوا إلى جنتهم ليصرموها؛ {وَغَدَوْا عَلَى حَرْدٍ قَادِرِينَ} [القلم: 25] أي على جد من أمرهم؛ وقيل على قصد أي قادرين في أنفسهم على قصد جنتهم، لا يحول بينهم وبينها آفة؛ وقيل على منع قادرين، من قولهم حاردت السنة إذا منعت خيرها، وحاردت الناقة إذا ارتفع لبنها. وقيل على غضب، فلما رآوها أي رأوا جنتهم أنكروها من سوادها: فقال بعضهم لبعض: إنا لضالون أي طريق الجنة وما هذه جنتنا؛ فلما تبينوا، قالوا بل نحن محرومون أي حرمنا ما كنا نأمل فيها من القوت والسعة على أهالينا وأيتامنا، قال أوسطهم أي أعدلهم ألم أقل لكم لولا تسبحون أي تستثنون في قسمكم؛ وقال بعضهم أي تصلون؛ فقال وظنوا أنهم أوتوا من قبل ترك الصلاة؛ {قَالُوا سُبْحَانَ رَبِّنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ} [القلم: 29]