الثمرة، إذ لا حق لي فيها - وأنت بالخيار إن شئت فاسق ثمرتك وإن شئت فدع؛ وإن كانت الثمرة لم تجب للمعرى إلا بالطياب على القول بأنها باقية على ملك المعري ما لم تطب؛ وإن قبضها المعرى فيجب أن تكون على المعرى زكاتها كما يكون عليه سقيها؛ ووجه الفرق بينهما من جهة الاستحسان: أن سقي الثمرة لما كان فيه منفعة الحائط سلمت الثمرة أو ذهبت كان السقي على ربه - وهو المعري؛ وإن كانت الثمرة قد وجبت للمعرى وكانت زكاتها عليه ولا يحمل ذلك القياس؛ لأن من حق صاحب الحائط ألا يسقي حائطه وإن تلف.
وأرخص رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في بيع العرية بخرصها، ذكر مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - في موطئه عن نافع عن عبد الله بن عمر عن زيد بن ثابت «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها». وعن داود بن الحصين، عن سفيان مولى ابن أبي أحمد عن أبي هريرة، «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرخص في بيع العرايا بخرصها فيما دون خمسة أوسق أو في خمسة أوسق» شك داود: قال خمسة أوسق أو دون خمسة أوسق. فقوله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أرخص لصاحب العرية أن يبيعها بخرصها، وأرخص في بيع العرايا بخرصها دليل على أن العرية اسم للثمرة الموهوبة لا للأصول التي أعريت ثمرتها. ومن قال إن العرية اسم للأصول التي أعريت ثمرتها، ذهب إلى أن معنى قوله أرخص في بيع العرايا، أرخص في بيع ثمرة العرايا، فحذف المضاف وأقام المضاف إليه مقامه، مثل قَوْله تَعَالَى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [يوسف: 82] يريد أهل القرية، وهذا كثير في كلامهم، إلا أنه من المجاز، وحمل الكلام على الحقيقة، أولى من حمله على المجاز.