ليصلح بينهم. «وروي أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة فأخبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك فقال: " اذهبوا بنا نصلح بينهم» «وعرض جابر بن عبد الله - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - على غرماء أبيه أن يأخذوا الثمر بما لهم عليه فأبوا ولم يروا أن فيه وفاء، فأخبر رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بذلك فقال له: " إذا جذذته ووضعته في المربد فآذني "، فلما كان ذلك، آذنه فأتى هو وأبو بكر وعمر - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - فجلس عليه ودعا بالبركة فيه، ثم قال: " ادع غرماءك فأوفهم "، فكال منه لأهل دينه وبقي منه مثل الذي كان فيه بعد قضاء الدين».

فصل

فالإصلاح بين الناس فيما يقع بينهم من الخلاف والتداعي في الأموال وغيرها من نوافل الخير المرغب فيها المندوب إليها. ولا بأس على الإمام أن يشير على الخصوم بذلك، روي «أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سمع صوت خصوم بالباب عالية أصواتهما، وإذا أحدهما يستوضع الآخر ويسترفقه في شيء - وهو يقول: والله لا أفعل، فخرج رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: أين المتألي على الله؟ ألا يفعل المعروف؟ فقال: أنا يا رسول الله. فله أي ذلك أحب». وروي «أن كعب بن مالك تقاضى ابن أبي حدرد دينا كان له عليه في عهد النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ - في المسجد، فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وهو في بيته فخرج حتى كشف سجف حجرته، فنادى كعب بن مالك فقال: يا كعب، قال: لبيك يا رسول الله، فأشار بيده أن ضع الشطر، فقال كعب قد فعلت يا رسول الله، فقال رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: قم فاقضه» وهذا الحديث أصل لما تلهج العامة به من قولها خير الصلح الشطر، ولا صلح إلا بوزن.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015