وأما ما استحق مما لا ضمان فيه على المستحق منه، فإنه ينقسم أيضا على قسمين:
أحدهما: أن يكون قد أدى فيما استحق من يده ثمنا.
والثاني: أن يكون لم يؤد في ذلك ثمنا.
فأما ما أدى فيه ثمنا، فلا ضمان عليه فيه، لوجوب الرجوع له بالثمن إن تلف عنده، كالرجل يشتري العبد ثم يستحق من يده بحرية أو يشتري الأصل ثم يستحق من يده بحبس؛ فقيل إن الغلة تطيب له بالثمن الذي أدى لأنه ضامن للثمن الذي دفع في عدم البائع إن تلف ذلك الشيء وهي رواية عيسى عن ابن القاسم في كتاب الاستحقاق من العتبية، وبه جرى العمل عندنا فيما يستحق من الأصول بالحبس؛ وقيل إنه يرد الغلة، لأنه إن تلف رجع بالثمن، فلم يكن ضامنا لشيء وهو ظاهر مذهب ابن القاسم في المدونة لأنه علق الغلة بالضمان فيها - أعني في المدونة؛ وأما ما لم يؤد فيه ثمنا ولا كان عليه فيه ضمان كالوارث يرث ثم يأتي من هو أحق منه بالوراثة، فلا اختلاف أنه يرد ما اغتل أو سكن لانتفاء وجوه الضمان عنه. واختلف قول مالك إذا سكن ولم يكر فأتى من يشاركه في الميراث، لا من هو أحق به منه على قولين، الأصح منهما رواية علي بن زياد عن مالك بوجوب الكراء عليه في حصة الوارث الطارئ عليه، لانتفاء جميع وجوه الضمان عنه.
وأما الحبس إذا استغله بعض المحبس عليهم وهم يرون أنهم ينفردون به، أو سكنوه، فقيل إنه لا يرجع عليهم بالغلة ولا بالسكنى وهي رواية ابن القاسم عن مالك في الصدقات والهبات. وقيل يرجع عليهم بالغلة والسكنى جميعا، وهذا يأتي على رواية علي بن زياد عن مالك في المدونة وهو القياس. وقيل إنه يرجع