الحديث على عمومه، وروى عنه أنه أوجب على الغاصب رد الغلة في الحيوان والأصول، وهذا أحد قوليه في المدونة، فقصر الحديث - على هذه الرواية على ما خرج عليه - وهو ما ضمن بوجه شبهة، وهذان القولان جاريان على قياس.
وأما تفرقته بين الحيوان والأصول، فاستحسان وليس بقياس؛ ووجهه أنه حمل الحديث على عمومه فيما كان بوجه شبهة وبغير وجه شبهة في الحيوان الذي ليس بمأمون، وخصص الأصول من ذلك لكونها مأمونة، لا يخشى عليها التلف، فلا تضمن إلا في النادر، والنادر لا يحكم له؛ وكذلك تفرقة من فرق في الأصول بين أن يكري أو يسكن، وفي رواية أبي الفرج عن مالك وتفرقة من فرق بين ذلك في الحيوان أيضا استحسان وليس بقياس، إلا أنها كلها أقاويل مشهورة معلومة.
وهذا في الخراج والاستخدام، وأما ما كان من الغلل المتولدة عن الشيء المستحق كاللبن والصوف في الحيوان والثمرة في الأصول فنصوص الروايات أن الغاصب يرد ذلك كله مع الأصول إن كان قائما، أو مكيلة خرصه - إن كان فائتا، ولا فرق في القياس بين ذلك؛ وقد عده محمد بن المواز اختلافا من القول وهو الصحيح - إن شاء الله؛ ومما يدل على أنه اختلاف من القول: رواية ابن المعذل عن مالك فيما كان من الغلل متولدا عن الشيء المغصوب أنه للغاصب بالضمان، ولا يلزمه رده؛ ولم أر هذه الرواية في أصل كتاب، وإنما أخبرني بها بعض أصحابنا.
فصل
وتحصيل هذا الباب أن الضمان ينقسم على وجهين:
أحدهما: ضمان بشبهة.