والثالث؛ أنه إن ادعى الجهالة استبرئ أمره - وإن غلط لم يكن له شيء، وهذا أعدل الأقاويل - عندي.
وواجد اللقطة على ثلاثة أوجه:
أحدها: أن يأخذها ولا يريد التقاطها ولا اغتيالها.
والثاني: أن يأخذها ملتقطا لها.
والثالث: أن يأخذها مغتالا لها.
فأما الأول فهو مثل أن يجد ثوبا فيأخذه وهو يظنه لقوم بين يديه ليسألهم عنه، فهذا إن لم يعرفوه ولا ادعوه، كان له أن يرده حيث وجده - ولا ضمان عليه فيه - قاله ابن القاسم في المدونة، ورواه ابن وهب عن مالك، لأنه لم يصر في يده ولا تعدى عليه، وإنما أعلم به من ظن أنه له - ولم يلزم فيه حكم اللقطة، وهذا إذا ردها بالقرب؛ وأما إن ردها بعد طول، فهو ضامن.
والوجه الثاني أن يأخذها ملتقطا لها، فهذا قد لزمه عند ابن القاسم حفظها وتعريفها، فإن ردها بعد أن أخذها ضمنها؛ وقال أشهب لا ضمان عليه إن ردها في موضعها بقرب ذلك أو بعده، ولا إشهاد عليه في ردها، وعليه اليمين: لقد ردها في موضعها؛ فإن ردها في غير موضعها، ضمن كالوديعة - إذا تسلف منها ثم رد ما تسلف منها فإنه لا يبرأ من الضمان، وقول ابن القاسم أبين وأظهر.
وأما الوجه الثالث إذ قبضها مغتالا لها، فهو ضامن لها ولا يعرف الوجه الذي التقطها عليه إلا من قبله، فإن تلفت عنده أو ادعى تلفها وادعى أنه أخذها ملتقطا لها ليحرزها على صاحبها، فهو مصدق في ذلك دون يمين يلزمه إلا أن يتهم، وسواء أشهد حين التقطها أو لم يشهد على مذهب مالك، لأن الإشهاد على ما روي