صاحبها وإلا فشأنك بها». دليل على أنها تدفع لواصفها وإن لم تكن له بينة عليها، وهذا قول مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجميع أصحابنا - في هذا لا اختلاف بينهم فيه، خلافا للشافعي، وأبي حنيفة في قولهما: إنها لا تدفع للواصف حتى يقيم البينة عليها - وهو بعيد، وقد روى هذا الحديث حماد بن سلمة والثوري ومالك أيضا، فزادوا فيها: فإن جاء صاحبها فعرف العفاص والوكاء، فادفعها إليه، وإلا فشأنك بها. وهذا نص في موضع الخلاف، وإنما اختلف أصحاب مالك هل تدفع إليه بيمين أو بغير يمين، فظاهر مذهب ابن القاسم في المدونة أنها تدفع إليه بغير يمين، وأن الصفة في اللقطة التي لا دافع فيها كالبينة القاطعة فيما له من يدفع عنه، وقال أشهب لا تدفع إليه إلا بيمين، واضطرب في ذلك قول ابن حبيب: فقال إنه لا تدفع إليه إلا بيمين، وقال إن وصفها رجلان أحلفا، فإن حلف أحدهما ونكل الآخر، فهي لمن حلف منهما، وإن نكلا جميعا أو حلفا جميعا، قسمت بينهما، فقوله إنها تقسم بينهما مع نكولهما رد لقوله أولا، لأن نكولهما عن الأيمان كرضاهما، إلا أن يحلف أحدهما صاحبه؛ وإذا رضيا بذلك، فالقياس على قوله ألا تقسم بينهما حتى يحلف كل واحد منهما أنها له ليوجب يمينه أنها له دون غيره ممن لم يحضر ولا ادعاها من الناس، ولو لم يتفقا على أن يسقط كل واحد منهما اليمين عن صاحبه، لوجب أن يحلف كل واحد منهما أنها له، ليوجب بيمينه أنها له دون صاحبه هذا، ودون غيره من الناس؛ فافهم هذا واعلم أن يمين كل واحد منهما على أنها له توجب معنيين، فإن سقطت اليمين عنهما في المعنى الواحد لنكولهما جميعا، واتفاقهما على إسقاطها، لم تسقط من أجل المعنى الآخر؛ وعلى مذهب من لا يوجب اليمين على الواصف الواحد إذا انفرد يحلف كل واحد منهما إذا اجتمعا على الصفة أنها له ليوجب بيمينه أنها له دون صاحبه،