ما جاء في العارية
إعارة المتاع من عمل المعروف وأخلاق المؤمنين، فينبغي للناس أن يتوارثوا ذلك فيما بينهم ويتعاملوا به ولا يشحوا به ويمنعوه، ومن منع ذلك وشح به فلا إثم عليه ولا حرج؛ إلا أنه قد رغب عن مكارم الأخلاق ومحمودها، واختار لئيمها ومذمومها، لقول رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لا يحل مال امرئ مسلم إلا عن طيب نفس منه»، والماعون الذي توعد الله على منعه في قوله - عز وجل: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ} [الماعون: 4] {الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 5] {الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ} [الماعون: 6] {وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ} [الماعون: 7]، إنما هو الزكاة المفروضة، هذا الذي ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجمهور أهل العلم، وقد روي عن عبد الله بن عباس، وعبد الله بن مسعود - أنهما قالا هو عارية متاع البيت الذي يتعاطاه الناس فيما بينهم من الفأس، والدلو، والحبل، والقدر، وأشباه ذلك؛ والويل واد في جهنم من عصارة أهل النار في النار على ما روي؛ فأخبر الله تعالى أنه للمصلين الذين هم عن صلاتهم ساهون الذين هم يراؤون ويمنعون الماعون - وهذه صفة المنافقين، لأنه لا يرائي بأعماله، ويريد بها غير وجه الله إلا منافق، فالآية نزلت في المنافقين والوعيد تعلق بهم على