أن يخلي ذمة نفسه بقوله قد فعلت ما أمرتني به من الدفع؛ وإذا وجب أن يخلي ذمته بقوله، فإخلاء أمانته بقوله أوجب؛ ومن رواية عيسى عنه في كتاب الخيار في الذي يشتري الثوب من الثوبين على أن أحدهما قد وجب عليه بخياره، فيضيع أحدهما فيدعي أنه قد كان اختار هذا الباقي ورضيه، أنه يصدق في ذلك.

فصل

فإن أقر بالقبض وادعى التلف، فلا يخلو من أن يكون قبض إلى ذمة أو إلى أمانة، فإن كان قبض إلى أمانة، فاختلف في ذلك قول ابن القاسم. قال مرة يبرأ الدافع بتصديق القابض - وتكون المصيبة من الآمر، وهو قوله في الكتاب؛ وقال مرة لا يبرأ الدافع إلا بإقامة البينة على الدفع، أو يأتي القابض بالمال، وهو قوله في كتاب ابن المواز؛ وفي مختصر الأسدية لأبي زيد القولان جميعا؛ وأما إن كان قبض إلى ذمة مثل أن يقول: ادفع الوديعة التي لي عندك إلى فلان سلفا أو تسليفا في سلعة، أو إلى صانع يعمل بها عملا، أو ما أشبه ذلك، فلا يخلو من وجهين:

أحدهما: أن تكون الذمة قائمة.

والثاني: أن تكون خربة.

فأما إن كانت الذمة قائمة، فإن الدافع يبرأ بتصديق القابض بلا خلاف؛ وأما إن كانت الذمة خربة، فاختلف في ذلك: قيل إن الدافع يبرأ بتصديق القابض، وهي رواية عيسى عن ابن القاسم في كتاب البضائع والوكالات في مسألة الصناع، وقيل إنه لا يبرأ بتصديقه إياه لخراب ذمته، والقولان مكشوفان في اختصار الأسدية لأبي زيد بن أبي الغمر؛ فقيل إن هذين القولين في هذا الوجه جاريان على الاختلاف المتقدم إذا دفع إلى أمانة، لاستواء الأمانة والذمة الخربة في كون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015