ومما يتبين به مراده من ذلك مما لا يتبين يحتاج إلى بيان وتقسيم، وتفصيل وذلك أن الهبة لا تخلو من أربعة أوجه:
أحدها: أن يقصد بها وجه الله تعالى.
والثاني: أن يقصد بها وجوه الناس.
والثالث: أن يقصد بها وجه الموهوب له.
والرابع: أن يريد بها وجه الله ووجه الموهوب له.
فأما إذا قصد بهبته وجه الله تعالى وعلم ذلك بإقراره على نفسمه، أو تبين ذلك من قصده، مثل أن يهب الغني للفقير، أو يهب لصلة رحم محتاجة، وما أشبه ذلك؛ فحكمها حكم الصدقة لا ثواب فيها ولا اعتصار ولا رجوع؛ وكذلك إذا قصد بهبته وجوه الناس إلا أنه لا أجر له في هبته، لقول النبي - عَلَيْهِ السَّلَامُ -: «إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله». الحديث. وأما إذا أراد بهبته وجه الله تعالى ووجه الموهوب له. وذلك مثل أن يهب هبة على غير وجه صدقة ولا صلة رحم، فيقول فيها لله أو لوجه الله، فلا ثواب له فيها ولا اعتصار إلا أن يشترط ذلك؛ وقيل إن له الاعتصار دون شرط إذا كانت الهبة لمن يصح منه الاعتصار.
وأما إذا قصد بها وجه الموهوب له - وذلك مثل أن يهب هبة مرسلة على غير وجه صدقة ولا صلة رحم، فإنها تنقسم على خمسة أقسام:
أحدها: أن يريد بها وجه الموهوب له لمحبته إياه ومودته له.
والثاني: أن يريد بها وجهه ليستجر مودته ومحبته.
والثالث: أن يريد بها وجهه ليتأكد ما بينهما من المودة والمحبة.