ورسوله» - الحديث. فأما إذا أراد بهبته وجه الله وابتغى عليها الثواب من عنده، فله ذلك عند الله بفضله ورحمته؛ قال الله عز وجل: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ} [الروم: 39]، وقال: {إِنْ تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ} [التغابن: 17]، وقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ} [الحديد: 11]، وقال: {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً} [البقرة: 245]، ويروى أن هذه الآية نزلت في أبي الدحداح تصدق بحديقة له فأعطاه الله في الجنة ألفي ألف حديقة. وأما من أراد بهبته وجوه الناس رياء ليحمدوه عليها ويثنوا عليه من أجلها، فلا منفعة له في هبته: لا ثواب في الدنيا ولا أجر في الأخرى؛ قال الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ} [البقرة: 264]. وأما من أراد بهبته الثواب من الموهوب له فله ما أراد من هبته، وله أن يرجع فيها ما لم يثب منها بقيمتها على مذهب ابن القاسم، أو ما لم يرض منها بأزيد من قيمتها - على ظاهر قول عمر بن الخطاب - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -؛ ومن وهب هبة يرى أنه أراد بها الثواب، فهو على هبته يرجع فيها ما لم يرض منها؛ وهو قول مطرف في الواضحة أن الهبة ما كانت قائمة العين وإن زادت أو نقصت فللواهب الرجوع فيها وإن أثابه الموهوب له فيها أكثر من قيمتها.