قلت يا رسول الله تصدقت على أمي بصدقة - وقد ماتت - فقال: قبل الله صدقتك وعادت إليك بالميراث». قالوا: ومن يذهب إلى جواز الحبس يمنع عوده إلى المحبس، قالوا ولأنه إخراج ملك لا إلى ملك فوجب ألا يلزم؛ أصله السائبة أو إذا قال: أخرجت هذه الدار عن ملكي، فإنها لا تخرج، فكذلك مسألتنا؛ قالوا ولأنه إزالة ملك عن المنفعة، فوجب ألا يزول الملك عن الرقبة، أصله العارية.

فصل

وهذا كله لا دليل فيه، ولا حجة، لأن الحبس الذي جاء محمد بإطلاقه، هو البحيرة، والسائبة، والوصيلة، والحامي الذي ذكره الله في كتابه، والدليل على ذلك: أنه المذكور في سورة المائدة، وهذا التأويل مروي عن مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -؛ وأما حديث ابن عباس فعنه جوابان:

أحدهما: أن المراد به حبس الزاني البكر، وذلك أن الله عز وجل قال: {فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلا} [النساء: 15]، فقال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا: البكر بالبكر جلد مائة، وتغريب عام» - الحديث.

والجواب الثاني وهو المعتمد عليه - أن المراد بذلك منع البحيرة والسائبة، والوصيلة، والحامي الذي كانت الجاهلية تفعله، إذ لا يعرف جاهلي حبس داره على ولده، أو في وجه من الوجوه المتقرب بها إلى الله تعالى. أما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015