قيراطا»، فقالوا محال أن يكون جابر بن عبد الله يملك ما ملكه رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بغير الوجه الذي ملكه به، واحتجوا أيضا بحديث ابتياع عبد الله بن عوف بن عثمان بن عفان الفرس الغائبة وزيادته بعد كمال البيع أربعة آلاف على أن يكون الضمان منه، فدل ذلك على إلحاق الزيادات بعقود البياعات، وقد كان ذلك بحضرة الصحابة - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - الذين تمنوا أن يعرفوا أيهما أجد في البيع، وهذا ما كان المبيع يمكن رده واستئناف البيع فيه، لم يفت بعتق ولا موت ولا خروج عن يد مبتاعه؛ فإن كانت الزيادة بعد فواته بشيء من ذلك، حكم لها بحكم الهبة - قولا واحدا. فوجه ما ذهبوا إليه من ذلك أنه إذا زاده في الثمن بعد كمال البيع وقبل منه الزيادة، فكأنهما تناقضا البيع الأول واستأنفا بيعا جديدا بالثمن الأول والزيادة؛ وأما إن كانت الزيادة بعد عقد ما لا يصح نقضه - كالصلح على دم العمد أو على شيء من المجهول، فقيل إن الزيادة ترد إلى صاحبها - وهو قول أبي حنيفة وأبي يوسف، وقيل إنه يحكم لها بحكم الهبة في جميع الوجوه - وهو الأشهر والأكثر؛ وعلى هذا المعنى اختلفوا في افتقار النحلة عند عقد النكاح إلى الحيازة، وفي جواز بيع مال العبد بعد كمال البيع، ومسائل من هذا المعنى كثيرة وبالله التوفيق.

فصل

والهبة والصدقة وما أشبههما على مذهبنا تفتقر إلى حيازة ولا تتم إلا بها، ومتى لم تحز عن الواهب أو المتصدق حتى مات أو فلس، فقد بطلت.

فصل

وإنما كانت الحيازة من شرط تمام الهبة والصدقة، لأنهما لو أجيزا دون حيازة، لكان ذلك ذريعة إلى أن ينتفع الإنسان بماله طول حياته ثم يخرجه عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015