مذهب مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ - وجميع أصحابه، ومن أهل العلم من يرى الكفالة في الحدود والقصاص والجراح، ذكر البخاري في كتابه عن محمد بن حمزة بن عمرو الأسلمي، عن أبيه أن عمر بعثه مصدقا، فوقع رجل على جارية امرأته فأخذ حمزة من الرجل كفيلا حتى قدم على عمر. وكان عمر قد جلده مائة جلدة فصدقهم وعذره بالجهالة؛ وقال جرير والأشعث لعبد الله بن مسعود في المرتدين استتبهم وكفلهم، فتابوا فكفلهم عشائرهم.
وأصل جواز الحمالة بالعين قائم من كتاب الله - عز وجل قال الله تعالى في قصة يعقوب: {لَنْ أُرْسِلَهُ مَعَكُمْ حَتَّى تُؤْتُونِ مَوْثِقًا مِنَ اللَّهِ لَتَأْتُنَّنِي بِهِ إِلا أَنْ يُحَاطَ بِكُمْ} [يوسف: 66]، فهذه حمالة بالنفس ووثيقة بالعين.
فصل
فمن رأى الكفالة فيما يتعلق بالأبدان من حد أو قصاص أو جراح، فيلزم الكفيل إن لم يأت بالمكفول به من طلبه ما يلزم الحميل بالوجه إذا اشترط أنه لا شيء عليه من المال؛ وقال عثمان البتي إذا تكفل بنفس في قصاص أو جراح، فإنه إن لم يجيء به لزمته الدية وأرش الجراحة وكانت له في مال الجاني، إذ لا قصاص على الكفيل.
فصل
والصحيح ما ذهب إليه مالك - رَحِمَهُ اللَّهُ -، أنه لا كفالة في الحدود ولا في القصاص ولا في الجراح ولا في التعزير، وإنما الواجب في ذلك السجن لا الكفالة، فقد روي أن رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سجن قوما بالمدينة في تهمة دم، وقد قيل إن