فأما الوجه الأول وهو أن يصدق الشركان الورثة فيما ادعوا من أن الميت دفع جميع الحق من ماله، إلى البائع عن نفسه وعنهما ليرجع عليهما بما ينوبهما منه، فيرجع اليمين على البائع فيحلف على تكذيب ما شهد به الشاهد، ويرجع بجميع حقه فيأخذ ثلثيه من الشريكين وثلثه من مال المتوفى، وليس للورثة أن يرجعوا على الشريكين بما ينوبهما من المال الذي أقرا أن موروثهم أداه على ما شهد به الشاهد - وإن كانا قد صدقاه في شهادته بذلك، لأن الميت ضيع في تركه الإشهاد، فالمصيبة منه؛ قال ابن أبي زيد - رَحِمَهُ اللَّهُ - إلا أن يكون الدفع بحضرتهما، فيكون لهم الرجوع بذلك عليهما، وذلك على ما روى أبو زيد عن ابن القاسم، خلاف ما روى عنه عيسى من أنه لا رجوع لهم عليهما وإن كان الدفع بحضرتهما، قال في هذا الوجه في الكتاب ولا يحلف الشريكان لأنهما يغرمان، فأما قوله إنهما لا يحلفان فصواب، لأن الشاهد ليس هو لهما وإنما هو للورثة عليهما، وأما قوله لأنهما يغرمان فتعليل فيه نظر يوهم أنه أراد أنهما لا يحلفان، لأنهما إن حلفا غرما للورثة؛ وإن لم يحلفا غرما للبائع: ولذلك لم يحلفا. ولو كان مراده ذلك، لكان من حقهما أن يحلفا إن شاءا ليسقطا طلب البائع عنهما لما قد يرجوان من مسامحة الورثة لهما في الاقتضاء ولا يصح أن يكون مراده ذلك، لما بيناه من أنه لا رجوع للورثة عليهما بما ينوبهما مما أدى الميت عنهما من ماله وإن صدقاه على الدفع إلا أن يقرا أنه كان بحضرتهما على إحدى الروايتين المذكورتين عن ابن القاسم، وإنما كان يجب أن يقول ولا يحلف الشريكان ويغرمان للبائع، فإن نكل البائع في هذا الوجه عن اليمين بعد نكول الورثة، سقط حقه ورجع الورثة على الشريكين بما ينوبهما من الحق.
وأما الوجه الثاني - وهو أن يقولا إنما دفع جميع ذلك من أموالنا بوكالتنا إياه على ذلك، ففي ذلك بين المتأخرين اختلاف: قال ابن أبي زيد يحلف الشريكان لقد دفع الميت ذلك ويبرآن ويرجع البائع على الورثة بما ينوبهم بنكولهم بعد يمينه أنه ما قبض من وليهم شيئا، وللشريكين أن يحلفا الورثة إن كانوا كبارا: ما يعلمون أنهما دفعا إلى وليهم شيئا، فإن نكلوا عن اليمين حلفا لقد دفعا جميع الحق إليه، ورجعا عليهم بالثلث الذي ينوبهم منه؛ وذهب أبو إسحاق التونسي إلى أن البائع يحلف فيأخذ من جميعهم ماله ويحلف الورثة للشريكين أنهم ما يعلمون أنهما دفعا