وهذا التّفسير خطأ في اللّغة، فإنّ فاعل الطّهارة لا يسمّى (مطهّرا) وإنّما يقال فيه: (مطّهّر) و (متطهّر) بصيغة اسم الفاعل، فهذا دليل على أنّ المعنى في ذلك لا يعود إلى المكلّف، ولذا قال من قال من السّلف: الْمُطَهَّرُونَ الملائكة، وهذا التّفسير هو المناسب لعود الضّمير في قوله: يَمَسُّهُ فإنّه في أصل اللّغة إنّما يعود إلى أقرب مذكور في السّياق، وهو هنا الكتاب المكنون، وهو عند الله تعالى في السّماء، كما قال سبحانه: فِي صُحُفٍ مُكَرَّمَةٍ (13) مَرْفُوعَةٍ مُطَهَّرَةٍ (14) بِأَيْدِي سَفَرَةٍ (15) كِرامٍ بَرَرَةٍ 16 [عبس: 13 - 16].

ولو قال قائل: يحسن بالمسلم اكتساب الطّهارة ما استطاع لمسّ المصحف تشبّها بالملائكة في تلك الصّفة، فأقول: نعم، هذا معنى صحيح يستفاد من شرعيّة التّشبّه بالملائكة في صفتهم، وقد جاء النّدب إليه، كما في حديث جابر بن سمرة، رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«ألا تصفّون كما تصفّ الملائكة عند ربّها؟» قال: قلنا: يا رسول الله، وكيف تصفّ الملائكة عند ربّها؟ قال: «يتمّون الصّفوف الأول، ويتراصّون في الصّفّ» (?).

لكن غاية ما يفيده مثل هذا الاستدلال هو استحباب التّطهّر لمسّ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015