لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (17) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ 19 [القيامة: 16 - 19]، فدلّ بطريق الأولى على أنّ الواحد من أمّته صلى الله عليه وسلم معذور بما يقع له من تفلّت الحفظ؛ لكون ذلك ممّا طبع عليه الإنسان فلا طاقة له إلى التّحرّز منه، ومن فضل الله على هذه الأمّة أن وضع عنها الإثم بالنّسيان.

وبيّن الإمام سفيان بن عيينة المراد بالنّسيان في ذينك الحديثين أنّه التّرك، كما قال تعالى: وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا [الجاثية: 34]، قال: «وليس من اشتهى حفظه وتفلّت منه بناس له، إذا كان يحلّ حلاله، ويحرّم حرامه؛ لأنّ هذا ليس بناس له، ولو كان كذلك ما نسّى النّبيّ عليه السّلام منه شيئا، وقد نسّى، وقال: ذكّرني هذا آية نسّيتها (?)، وقال الله عزّ وجلّ: سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (6) إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ [الأعلى: 6 - 7]، فلم يكن الله لينسي نبيّه عليه السّلام والنّاسي كما يقول هؤلاء الجهّال!» (?).

فإن قيل: المراد بالذّمّ والوعيد ترك تعاهد الحفظ.

قلنا: بيّنّا أنّ ذلك التّعاهد مندوب، إذ الحفظ في أصله مندوب

إلّا لما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015