أمر الله عزّ وجلّ بتدبّر القرآن وفهم معانيه، وحثّ نبيّه صلى الله عليه وسلم على الإكثار من تلاوته لتحقيق هذا الغرض، كما سيأتي بيان ذلك في الفصل الثّاني، وهذا الأخذ للقرآن تلاوة أو حفظا أو تدبّرا لا يتهيّأ على الوجه المأمور به لمن قرأ قراءة ملحونة مختلّة، وفاعل هذا خارج بالقرآن عن سننه.
فضبط التّلاوة سبب للتّدبّر وفهم القرآن، كما أنّه سبب للخشوع عند تلاوته وانتفاع القلب به، وكلّ هذا مأمور به مطلوب إمّا وجوبا وإمّا ندبا، فضبط التّلاوة يأخذ حكم ما كان سببا فيه.
وإذا كان اللّحن منفيّا في الأصل عن القرآن، فإضافته إليه من باب تحريف الكلم عن مواضعه.
ولأهل العلم وجوه من الاستدلال لوجوب القراءة بأحكام التّجويد والعربيّة على وفق المنقول عن القرّاء.
ومن أحسن ذلك ما ذكرته في المبحث السّابق، وهو تلقّي القراءة عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم على الصّفة الّتي أنزل عليها القرآن، وعربيّة القرآن الّتي جاءت بأفصح ما في لسانهم وأبينه.
قال الله عزّ وجلّ: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ 195 [الشّعراء: 193 - 195]، فهذا القرآن مسند إلى الله تعالى بهذه الصّيغة العربيّة