الْقُرْآنَ أَمْ عَلى قُلُوبٍ أَقْفالُها 24 [محمّد: 24]، وقال: وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ 17 [القمر: 17]، ولو كان أكثره من سائر الأقسام لما جاز معه أن يتوجّه الخطاب في هذه الآيات وشبهها إلى جميع المكلّفين، إذ لا يؤمر الجميع بتدبّر ما يتوقّف معرفة معناه على علم الخاصّة.
وهو ما يتعدّى فهمه ومعرفته الدّلالة القريبة من الألفاظ ممّا يشترك فيه الخاصّة والعامّة، ويتوقّف على تحصيل مقدّمات من الدّراية والعلم والآلة، ممّا سنأتي على بيانه إن شاء الله.
يراد به متشابه القرآن الّذي مهما أعملت فيه العقول فإنّها لا تصل إلى حقيقته، وذلك مثل ما أخبر عنه القرآن من الغيوب، كالخبر عن الله عز وجلّ وأسمائه وصفاته كعلمه وتقديره وتدبيره، فنحن ندرك معاني الألفاظ التي ورد بها القرآن في ذلك، كما نميّز الفرق بينها من خلال اختلاف دلالاتها في اللّسان، كالفرق بين السّمع والبصر، وندرك أثر ذلك في العبوديّة لله، فنعلم أنّ الله يسمع سرّنا ونجوانا، ولا تحول الحجب دون رؤيته، لكنّا لا ندري كيف يسمع وكيف يبصر، كما لا نعلم كيف هو تبارك وتعالى، إذ لا مثال يقاس به، ولا فكر يحيط به وَلا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْماً [طه: 110]، و (ما خطر ببالك، فليس الله كذلك)، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ