حقّ أبدل بحقّ لحكمة، وهو قبل النّسخ وبعده كلام الله الّذي لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ، كما قال: وَإِذا بَدَّلْنا آيَةً مَكانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِما يُنَزِّلُ قالُوا إِنَّما أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (101) قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ الْقُدُسِ مِنْ رَبِّكَ بِالْحَقِّ [النّحل: 101 - 102].
الشّبهة الثّانية: قوله تعالى: وَلَئِنْ شِئْنا لَنَذْهَبَنَّ بِالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ ثُمَّ لا تَجِدُ لَكَ بِهِ عَلَيْنا وَكِيلًا إِلَّا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ [الإسراء: 86 - 87].
تعلّقت بهذا طائفة أنكرت منسوخ التّلاوة، قالوا: في الآية دليل أنّ الله لم ينس نبيّه صلى الله عليه وسلم شيئا ممّا أوحاه إليه؛ لأنّه لو وقع فهو ذهاب بما أوحى إليه.
وأقول: هذا تعلّق أوهى من سابقه، مردود بقوله تعالى:
سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (6) إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ [الأعلى: 6 - 7]، وبما ثبت من الأخبار الصّحاح أنّ الله تعالى أنزل قرآنا ثمّ رفعه.
وصحّ من حديث عبد الرّحمن بن أبزى: أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم صلّى في الفجر، فترك آية، فلمّا صلّى قال: «أفي القوم أبيّ بن كعب؟»، قال أبيّ: يا رسول الله، نسخت آية كذا وكذا أو نسّيتها؟ قال: «نسّيتها» (?).