وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ [البقرة: 252].
والعلم الحديث يظهر على النّاس بعجائب في خلق الله، فيبهر النّاس بها، وحقّ لهم، لكنّ الأعجب أن يكون القرآن قد نبّه على اعتبارها ودلّ عليها منذ دهر بعيد، ولم يكن للنّاس يومئذ من وسائل النّظر والاكتشاف ما لأهل زماننا، إنّه استمرار شهادة الحقّ، أنّ هذا القرآن من عند الله:
سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ [فصّلت: 53].
أَوَلَمْ يَنْظُرُوا فِي مَلَكُوتِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما خَلَقَ اللَّهُ مِنْ شَيْءٍ وَأَنْ عَسى أَنْ يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ [الأعراف: 185].
إنّ الله سبحانه أراد لهذا القرآن أن يكون حجّته على الأمم إلى قيام السّاعة، وما كان ليصحّ ذلك إلّا والدّليل على أنّه من عند الله باق مستمرّ، فتارة لغته وفصاحته وتأليفه ونظمه، وتارة عصمته من التّحريف وبقاؤه غضّا طريّا كما لو أنزل السّاعة، وتارة ما جاء به من القوانين والشّرائع العادلة الّتي استغرقت جميع مصالح العباد، وتارة ما فيه من التّنبيه على الآيات الكونيّة، والدّلائل العلميّة، وهكذا، إلى براهين لا تنقطع ولا تتناهى، كلّها تشهد أنّه كلام ربّ العالمين.
***