مِثْلِها أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [البقرة: 106].

هذه الآية برهان صريح على وقوع النّسخ في القرآن، بمعنى الإزالة والتّبديل، وذلك بأن ينزل الله على نبيّه صلى الله عليه وسلم آية على خلاف آية نزلت قبلها، تغيّر حكمها إلى حكم جديد، هو أرفق بالنّاس أو أعظم لهم ثوابا وأفضل عاقبة ممّا كان لهم قبل ذلك.

كما في الآية دليل على إمكان نسخ الآية بوحي سواها، دون أن يكون ذلك الوحي قرآنا يتلى.

فإن قلت: فأين توجدنا ذلك فيها؟

قلت: في قوله عزّ وجلّ: نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْها أَوْ مِثْلِها، ولم يقل:

(نأت بآية خير منها أو مثلها).

فإن قلت: لكن كيف يكون شيء غير الآية خيرا منها أو مثلها؟

قلت: التّفاضل بين الآيات ليس من جهة ألفاظها، فجميع ذلك كلام الله، وإنّما من جهة ما فيها من الشّرائع والأحكام بالنّسبة للمكلّف، فالأحكام هي الّتي تتفاضل فيكون بعضها خيرا من بعض، فإذا عادت الخيريّة إلى الأحكام دون اعتبار صيغتها ولفظها، فقد صحّ النّسخ بكلّ ما ثبت أنّ الله تعالى أوحاه لنبيّه صلى الله عليه وسلم.

فحاصل المعنى: (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بوحي خير منها أو مثلها)، وحيث صحّ نسخ الوحي بوحي خير منه للعباد، صحّ نسخه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015